04 يوليو 2025 | 09 محرم 1447
A+ A- A
الاوقاف الكويت

خطبة الجمعة المذاعة أخذت الدروس والعبر من خطاب صاحب السمو أمير البلاد حفظه الله تعالى ورعاه في افتتاح الفصل التشريعي بمجلس الامة

04 نوفمبر 2015

· سمو أمير البلاد سطر أروع الكلمات وأعذبها وأجملها من والد محب لأبنائه.

· الخطاب الأبوي دعا إلى تكاتف الايادي وبذل الاصلاح وإيقاف مسلسل الهدر والترف والسرف.

· حذرت مما تعيشه الدول المجاورة من حروب ثائرة وشرور متطايرة.

عممت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية إن الخطاب السامي لحضرة صاحب السمو أمير البلاد حفظه الله ورعاه في افتتاح دور الفصل التشريعي الأخير في مجلس الأمة ، حث على اهمية التناصر والتعاون والبعد عن اسباب العداوة والبغضاء وما يحمل على الكراهية والشحناء وما يثير الاحقاد وضغائن القلوب، والتحذير الشديد من اثارة الطائفية البغيضة لتبقى بلادنا في أمن وأمان، ولا شك أن هذه النصيحة هي أصل أصيل من أصول هذا الدين العظيم.

وأوضحت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في خطبة صلاة يوم غد الجمعة التي ستكون بعنوان "دروس وعبر من خطاب صاحب السمو أمير البلاد حفظه الله ورعاه" لقد حذر الأب أبناءه مما تعيشه الدول المجاورة من حروب ثائرة وشرور متطايرة وفتن تدمي لها القلوب وتنفطر لها الاكباد وتقشعر لها الابدان، تلك الحروب تجعلنا دوما في يقظة واعتبار واتعاظ من سرطان الارهاب في التفجير والتخزين للأسلحة واثارة الفتن والمحاولات اليائسة لزعزعة الأمن والإخلال به، واستهداف الدماء المعصومة وهي جرائم لا يرضاها دين ولا يقرها عقل وتأباها الأعراف والفطر السليمة.

وأشارت إلى أن من امانة الكلمة وصدق الحديث وصرامة المنطق ومسؤولية النصح والبيان ، وسطر سمو أمير البلاد أروع الكلمات وأعذبها وأجملها من والد محب لأبنائه إلى جمع الكلمة وغرس المحبة، وزرع الألفة ونشر المودة والرحمة.

وأكدت خطبة الجمعة على أن الخطاب الأبوي أبرز أهمية استمرار التعاون بين دول مجلس الخليج العربية لوجود تهديد حقيقي يستهدف دول المجلس وعليها تداعت الدول لدفعه والتعاون لدحره.

وبينت الخطبة أن الخطاب الأبوي الحاني يدعو لتكاتف الايادي وأن يقوم الجميع بواجبهم لمراجعة مواطن التقصير وبذل الاصلاح وايقاف مسلسل الهدر والترف والسرف، وتعزيز ثقافة الاستهلاك والاقتصاد، فالإصلاح صادر عن ايمان راسخ وعقيدة صادقة واستشعار بعظم المسؤولية وهذه المهمة لا تعرف الفتور ولا يعجز بل الحكمة والحنكة والصبر في الاوضاع الحاضرة.

وفيما يلي نص خطبة الجمعة المذاعة والموزعة بتاريخ 24 من المحرم 1437هـ الموافق 6 / 11 / 2015م بعنوان

" دُرُوسٌ وَعِبَرٌ مِنْ خِطابِ صَاحِبِ السُّمُوِّ أُميرِ البِلادِ حَفِظَهُ اللهُ تَعَالَى "

إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. ) يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ( [آل عمران: 102]، ) يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا( [النساء: ١]، ) يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ( [الأحزاب: 70 – 71].

أَمَّا بَعْدُ:

فَإِنَّ أَغَلْىَ مَا يَمْلِكُ المَرْءُ دِينَهُ وَوَطَنَهُ، وَمَا مِنْ إِنْسَانٍ إِلَّا وَيَعْتَزُّ بِوَطَنِهِ لَأَنَّهُ مَهْدُ صِبَاهُ وَمَدْرَجُ خُطَاهُ وَمَرْتَعُ طُفُولَتِهِ وَمَلْجَأُ كُهُولَتِهِ وَمَنْبَعُ ذِكْرَياتِهِ وَمَوطِنُ آبَائِهِ وَأَجْدادِهِ وَمَأْوَى أَبْنَائِهِ وَأَحْفادِهِ، حَتَّى الحَيَواناتِ لَا تَرْضَى بِغَيْرِ وَطَنِها بَدِيلاً وَمِنْ أَجْلِهِ تُضَحِّي بِكُلِّ غَالٍ وَنَفِيسٍ، فَالكُلُّ يُحِبُّ وَطَنَهُ؛ فَإِذا كَانَتْ هَذِهِ سُنَّةَ اللهِ فِي المَخْلُوقاتِ فَقَدْ جَعَلهَا اللهُ فِي فِطْرَةِ الإِنْسانِ، لِذَلِكَ كَانَ مِنَ الحُقوقِ وَالوَاجِباتِ الاجْتِماعِيَّةِ فِي الإِسْلَامِ وَالَّتِي غَرَسَهَا فِي فِطْرَةِ الإِنْسانِ: حُقوقُ الوَطَنِ وَالأَرْضِ الَّتِي يَعيشُ فِيهَا وَيَأْكُلُ مِنْ خَيْرِهَا وَيَعْبُدُ اللهَ تَحْتَ سَمَائِهَا، وَأَوَّلُ هَذِهِ الحُقُوقِ الحُبُّ الصَّادِقُ لِهَذا الوَطَنِ وَلِقِيادَتِهِ.

وَإِنَّهُ مِنْ أَمَانَةِ الكَلِمَةِ وَصِدْقِ الحَدِيثِ وَصَرَامَةِ المَنْطِقِ، وَمَسْؤُولِيَّةِ النُّصْحِ وَالبَيانِ، سَطَّرَ سُمُوُّ أَميرِ البِلَادِ أَرْوَعَ الكَلِماتِ وَأَعْذَبَها وَأَجْمَلَهَا مِنْ وَالدٍ مُحِبٍّ لأَبَنَائِهِ إِلَى جَمْعِ الكَلِمَةِ وَغَرْسِ المَحَبَّةِ، وَزَرْعِ الأُلْفَةِ وَنَشْرِ المَوَدَّةِ وَالرَّحْمَةِ.

إِنَّهُ خِطَابُ صَاحِبِ السُّمُوِّ أَمِيرِ الْبِلَادِ فِي افْتِتَاحِ الْفَصْلِ التَّشْرِيعِيِّ الْأَخِيرِ فِي مَجْلِسِ الْأُمَّةِ ، فَقَدِ ابْتَدَأَ سُمُوُّهُ حَفِظَهُ اللهُ وَسَدَّدَهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: )وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ( [النحل: 53]، لِنَعْرِفَ نِعْمَةَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْنَا الَّتِي لَا تُعَدُّ وَلَا تُحْصَى وَلنُحَافِظَ عَلَيْهَا بِالشُّكْرِ وَالابْتِعَادِ عَنْ كُلِّ حَرَامٍ وَفَسَادٍ وَأَعْظَمُ النِّعَمِ الَّتِي امْتَنَّ اللهُ بِهَا عَلَى هَذَا البَلَدِ نِعْمَةُ الْأَمْنِ وَاْلَأَمَانِ، فَالْأَمْنُ نِعْمَةٌ كُبْرَى، وَمِنَّةٌ مِنَ اللهِ عُظْمَى، إِذَا اخْتَلَّتْ أَوْ فُقِدَتْ فَسَدَتِ الْحَيَاةُ، وَشَقِيَتِ الأُمَمُ، وَسَاءَتِ الْأَحْوَالُ، وَتَغَيَّرَتِ النِّعَمُ بِأَضْدَادِهَا، فَصَارَ الْخَوْفُ بَدَلَ الْأَمْنِ، وَالْجُوعُ بَدَلَ رَغَدِ الْعَيْشِ، وَالْفَوْضَى بَدَلَ اجْتِمَاعِ الْكَلْمَةِ ، وَالظُّلْمُ وَالْعُدْوَانُ بَدَلَ الْعَدْلِ وَالرَّحْمَةِ، عَافَانَا اللهُ بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ.

وَلَقَدِ امْتَنَّ اللهُ عَلَى الْخَلْقِ بِنِعْمَةِ الْأَمْنِ، وَذَكَّرَهُمْ بِهَذِهِ الْمِنَّةِ، لِيَشْكُرُوهُ عَلَيْهَا، وَلِيَعْبُدُوهُ فِي ظِلَالِهَا، قَالَ اللهُ تَعَالَى: ) فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ( [ قريش: 3 - 4 ]، وَعَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ مِحْصَنٍ الخَطْمِيِّ t قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ r: »مَنْ أَصْبَحَ آمِناً فِي سِرْبِهِ، مُعَافىً فِي بَدَنِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيا بِحَذَافِيرِهَا « [رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ].

أَيُّهَا المُسْلِمُونَ:

لَقَدْ حَثَّ الخِطَابُ السَّامِي عَلَى أَهَمِّيَّةِ التَّنَاصُرِ وَالتَّعاوُنِ وَالبُعْدِ عَنْ أَسْبابِ العَدَاوَةِ وَالبَغْضَاءِ وَمَا يَحْمِلُ عَلَى الكَرَاهِيَةِ وَالشَّحْنَاءِ، وَمَا يُثِيرُ الأَحْقَادَ وَضَغَائِنَ القُلُوبِ، وَالتَّحْذِيرِ الشَّديدِ مِنْ إِثَارَةِ الطَّائِفِيَّةِ البَغِيضَةِ لِتَبْقَى بِلَادُنَا فِي أَمْنٍ وَأَمَانٍ.وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذِهِ النَّصِيحَةَ هِيَ أَصْلٌ أَصِيلٌ مِنْ أُصُولِ هَذَا الدِّينِ العَظِيمِ، وَلَقَدْ عُنِيَ النَّبيُّ r فِي بِنَاءِ المُجْتَمَعِ المُسْلِمِ مِنْ دَاخِلِهِ بِهَذَا الأَصْلِ عِنَايَةً عَظِيمَةً لِيَكُونَ بِنَاءً مُحْكَماً قَوِيّاً قَائِماً عَلَى الأُلْفَةِ وَالمَحَبَّةِ وَوَحْدَةِ الكَلِمَةِ وَاجْتِمَاعِ القُلُوبِ، وَكَانَ مِنْ أَوْلَوِيَّاتِ عَمَلِهِ r حِينَ وَطِئَتْ قَدَمُهُ المَدِينَةَ: المُؤاخاةُ بَيْنَ أَصْحَابِهِ y، تِلْكَ المُؤَاخَاةُ الَّتِي لَمْ يَشْهَدِ التَّارِيخُ لَهَا نَظِيرًا حِينَ نَقَلَتْ أَصْحَابَهُ y مِنَ التَّبَاغُضِ فِي الجَاهِلِيَّةِ إِلَى التَحَابُبِ فِي الإِسْلَامِ، وَجَعَلَتْ غُرَبَاءَ الدَّارِ إِخْوَةً لِلْأَنْصَارِ، يُقَاسِمُونَهُمْ دُورَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ وَضِياعَهُمْ ، وَكَانَ مِنْ سِياسَةِ النَّبيِّ r مَعَ أَصْحَابِهِ y أَنَّهُ يَقْضِي عَلَى أَيِّ بَادِرَةِ اخْتِلافٍ بَيْنَهُمْ فِي مَهْدِهَا، وَيُطْفِئُ فَتِيلَهَا قَبْلَ اشْتِعَالِهَا، وَلَا يَتَهاوَنُ فِي ذَلِكَ أَبَداً، بَلْ نَجِدُهُ r وَهُوَ الرَّفِيقُ الرَّحِيمُ يُغْلِظُ المَقَالَ فِي هَذا المَقَامِ أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهِ؛ لِعِلْمِهِ r أَنَّ نَارَ الخِلَافِ وَالفُرْقَةِ وَالفِتْنَةِ إِذَا تَوقَّدَتْ فَمِنَ العَسِيرِ إِطْفَاؤُهَا.

عَيَّرَ رَجُلٌ رَجُلَاً بِأُمِّهِ فَقَالَ r: »أَعَيَّرْتَهُ بِأُمِّهِ؟! إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ« [رَوَاهُ الشَّيْخَانِ]، وَفِي إِحْدَى مَغَازِيهِr تَثَاوَرَ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ:»يَا لَلْأَنْصَارِ وَقَالَ الْمُهَاجِرِيُّ يَا لَلْمُهَاجِرِينَ فَسَمِعَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ r فَقَالَ: مَا بَالُ دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ؟!... وَقَالَ دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ«[رَوَاهُ الشَّيْخَانِ].

لَقَدْ حَذَّرَ الْأَبُ أَبْناءَهُ مِمَّا تَعِيشُهُ الدُّوَلُ الْمُجَاوِرَةُ مِنْ حُرُوبٍ ثَائِرَةٍ وَشُرُورٍ مُتَطَايِرَةٍ وَفِتَنٍ تَدْمَى لَهَا الْقُلُوبُ، وَتَتَفَطَّرُ لَهَا الْأَكْبَادُ، وَتَقْشَعِرُّ لَهَا الْأَبْدَانُ، تِلْكَ الْحُرُوبُ تَجْعَلُنَا دَوْماً فِيْ يَقَظِةٍ وَاعْتِبَارٍ وَاتِّعَاظٍ مِنْ سَرَطَانِ الْإِرْهَابِ فِي التَّفْجِيرِ وَالتَّخْزِينِ لِلْأَسْلِحَةِ وَإِثَارَةِ الْفِتَنِ وَإِذْكَائِهَا، وَالْمُحَاوَلَاتِ اليَائِسَةِ لِزَعْزَعَةِ الْأَمْنِ وَالْإِخْلَالِ بِهِ، وَاسْتِهْدَافِ الدِّمَاءِ الْمَعْصُومَةِ، وَهِيَ جَرَائِمُ لَا يَرْضَاهَا دِينٌ، وَلَا يُقِرُّهَا عَقْلٌ، وَتَأْبَاهَا الْأَعْرَافُ وَالْفِطَرُ السَّلِيمَةُ، فَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِاللهِ بْنِ مَسْعُودٍ t أَنَّ النَّبِيَّ r قَالَ: »سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ«، وَرَوَى الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعاً:»مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلَاحَ فَلَيْسَ مِنَّا«.

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الْمُؤْمِنُونَ:

إِنَّ الْخِطَابَ الْأَبَوِيَّ الْحَانِي يَدْعُو لِتَتَكَاتَفِ الْأَيَادِي وَأَنْ يَقُومَ الْجَمِيعُ بِوَاجِبِهِمْ لـِمُرَاجَعَةِ مَوَاطِنِ التَّقْصِيرِ وَبَذْلِ الْإِصْلَاحِ وَإِيقَافِ مُسَلْسَلِ الْهَدْرِ وَالتَّرَفِ وَالسَّرَفِ، وَتَعْزِيزِ ثَقَافَةِ الاسْتِهْلَاكِ وَالاقْتِصَادِ، فَالْإِصْلَاحُ صَادِرٌ عَنْ إِيْمَانٍ رَاسِخٍ وَعَقِيدَةٍ صَادِقَةٍ وَاسْتِشْعَارٍ بِعِظَمِ الْمَسْؤُولِيَّةِ، وَهَذِهِ الْمُهِمَّةُ لَا تَعْرِفُ الْفُتُورَ وَلَا الْعَجْزَ بَلِ الْحِكْمَةَ وَالْحِنْكَةَ وَالصَّبْرَ فِي الْأَوْضَاعِ الْحَاضِرَةِ، فَفِي الْحَدِيْثِ: »عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ r يَقُولُ: كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ فَالْإِمَامُ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالرَّجُلُ فِي أَهْلِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالْمَرْأَةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا وَالْخَادِمُ فِي مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ« [رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ].

أَيُّهَا الأَحِبَّةُ:

لَقَدْ أَبْرَزَ الخِطَابُ الأَبَوِيُّ لِأَبْنَائِهِ أَهَمِّيَّةَ اسْتِمْرَارِ التَّعاوُنِ بَيْنَ دُوَلِ مَجْلِسِ الخَليجِ العَرَبِيَّةِ لِوُجُودِ تَهْدِيدٍ حَقِيقِيٍّ يَسْتَهْدِفُ دُوَلَ المَجْلِسِ وَعَلَيْهَا تَدَاعَتِ الدُّوَلُ لِدَفْعِهِ وَالتَّعاوُنِ لِدَحْرِهِ، قَالَ تَعَالَى: ) وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ( [ المائدة: 2]. وَقَالَ سُبْحانَهُ: ) وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ( [ الأنفال: 46 ] .

فَأَيُّ تَهْدِيدٍ لِأَيَّةِ دَوْلَةٍ خَلِيجِيَّةٍ هُوَ تَهْديدٌ لِأَمْنِنَا لِأَنَّ المَصِيرَ وَاحِدٌ، فَيَجِبُ إِقَالَةُ العَثَرَاتِ، وَاليَقَظَةُ ضِدَّ تِلْكَ المَخَاطِرِ المُتَرَبِّصَةِ بِدُوَلِنَا. نَسْأَلُ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُؤَلِّفَ عَلَى الخَيْرِ دُوَلَنَا وَيُصْلِحَ ذَاتَ بَيْنِنَا.

بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي القُرْآنِ العَظِيمِ وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنَ الآياتِ وَالذِّكْرِ الحَكِيمِ وَنَفَعَنا بِهَدْيِ سَيِّدِ المُرْسَلِينَ وَقَوْلِهِ القَوِيمِ، وَأسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ وَلِسَائِر المُسْلِمينَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.

الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى إِمامِ المُرْسَلِينَ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، الَّذِي بَلَّغَ الرِّسَالَةَ وَأَدَّى الأَمَانَةَ وَنَصَحَ الأُمَّةَ، فَصَلَواتُ اللهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ.

عِبادَ اللهِ:

عَلَينَا جَمِيعًا أَنْ نَتَلَمَّسَ مَعالِمَ الإِصْلاحِ وَمَنْهَجِيَّتَهُ وَمُقَوِّمَاتِهِ وَأُسُسَهُ وَوَسَائِلَهُ؛ قَالَ تَعَالَى: )إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ( [هود: 88].

وَإِنَّ صِدْقَ الانْتِمَاءِ إِلَى البِلادِ يَتَطَلَّبُ مِنَّا جَمِيعًا حِمَايَةَ أَمْنِهَا وَصَوْنَ وِحْدَتِهَا وَالذَوْدَ عَنْهَا: ) رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ( [ البقرة: 126].

لَقَدْ جَاءَ فِي الخِطَابِ الأَبَوِيِّ أَهَمِّيَّةُ التَأَمُّلِ فِي الحَالِ وَالوَاقِعِ لِمَعْرِفَةِ حَجْمِ التَّحَدِّيَاتِ وَتَأْمِينِ المُتَطَلَّباتِ لِمُواجَهَتِهَا وَتَجَاوُزِها بِإِذْنِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَمُحَاسَبَةِ النَّفْسِ عَلَى التَّقْصِيرِ وَالتَّفْرِيطِ فِي جَنْبِ اللهِ، وَإِصْلَاحِ مَواطِنِ الخَلَلِ فِي النَّفْسِ وَالمُجْتَمَعِ، فَإِنَّهُ مَا نَزَلَ بَلاءٌ إِلَّا بِذَنْبٍ، وَلَا رُفِعَ إِلَّا بِتَوْبَةٍ صَادِقَةٍ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، قَالَ سُبحانَهُ:) وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ(
[ البقرة: 155].

عِبَادَ اللهِ:

إِنَّ الثَّباتَ عَلَى الإِسْلَامِ وَعَقِيدَتِهِ فِي صَفٍّ وَاحِدٍ مُجْتَمِعِينَ عَلَى كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ خَلْفَ قِيادَةٍ وَاحِدَةٍ يُعَزِّزُ مِنْ قُوَّتِنَا وَصَلابَةِ مَوْقِفِنَا، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r: » إِنَّ اللَّهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلاثًا، وَيَسْخَطُ لَكُمْ ثَلاثًا: يَرْضَى لَكُمْ أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ، وَتَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا، وَأَنْ تَنَاصَحُوا لِمَنْ وَلَّاهُ اللَّهُ أَمْرَكُمْ، وَيَسْخَطُ لَكُمْ: قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةَ الْمَالِ «[رَوَاهُ مُسْلِمٌ ].

اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلَامَ وَالمُسْلِمينَ، وَأَذِلَّ الشِّرْكَ وَالمُشْركِينَ، وَدَمِّرْ أَعَدَاءَ الدِّينِ، وَاحْمِ حَوْزَةَ الدِّينِ يَارَبَّ العَالَمِينَ. اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي أَوْطَانِنَا، وَأَصْلِحْ أَئِمَّتَنا وَوُلَاةَ أُمُورِنَا، وَاجْعَلْ وِلَايَتَنا فِيمَنْ خَافَكَ وَاتَّقاكَ وَاتَّبَعَ رِضَاكَ يا رَبَّ العَالَمِينَ. اللَّهُمَّ وَفِّقْ وَليَّ أَمْرِنا لِمَا تُحِبُّهُ وَتَرْضَاهُ مِنْ سَدِيدِ الأَقْوالِ وَصَالِحِ الأَعْمالِ يَا ذَا الجَلالِ وَالإِكْرَامِ .اللَّهُمَّ آتِ نُفُوسَنَا تَقْواهَا، وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا، أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلاهَا . اللَّهُمَّ يَا رَبَّنا يا قَويُّ ياعَزِيزُ يا ذَا الجَلالِ والإِكْرَامِ انْصُرْ إِخْوانَنَا المُسْتَضْعَفينَ فِي كُلِّ مَكانٍ، اللَّهُمَّ انْصُرْهُمْ فِي أَرْضِ الشَّامِ وَفِي كُلِّ مَكانٍ يا ذَا الجَلالِ وَالإِكْرَامِ، اللَّهُمَّ وَعَلَيْكَ بَأَعْدَاءِ الدِّينِ فَإِنَّهُمْ لَا يُعْجِزُونَكَ، اللَّهُمَّ إنَّا نَجْعَلُكَ فِي نُحورِهِمْ وَنَعُوذُ بِكَ اللَّهُمَّ مِنْ شُرُورِهِمْ .اللَّهُمَّ أَصْلِحْ ذَاتَ بَيْنِنَا، وَأَلِّفْ بَيْنَ قُلوبِنا، وَاهْدِنَا سُبُلَ السَّلامِ، وَأَخْرِجْنَا مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ، وَبارِكْ لَنَا فِي أَسْمَاعِنَا وَأَبصَارِنَا وَقُوَّتِنا مَا أَحْيَيْتَنا يَا ذَا الجَلالِ وَالإِكْرَامِ .

عِبادَ اللهِ:

اذْكُروا اللهَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ، ) وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ(

لجنة إعداد الخطبة النموذجية لصلاة الجمعة ودروس الإمام

كادر:

"الأوقاف" تتفاعل مع النطق السامي

الصانع: خطاب صاحب السمو تشخيص للداء وتوصيف للدواء

تفاعلت وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية مع النطق السامي من خطاب صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حفظه الله الذي ألقاه في افتتاح الفصل التشريعي الأخير في مجلس الأمة بتخصيص خطبة الجمعة الموافقة 6/11/2015م وعممتها على مساجد الكويت وهي بعنوان (دروس وعبر من خطاب صاحب السمو أمير البلاد حفظه الله تعالى).

وقال وزير العدل وزير الأوقاف والشئون الإسلامية يعقوب الصانع : لقد رسخ سمو الأمير حفظه الله في نطقه السامي لقيم المحبة والإخاء وتوحيد الكلمة والتأكيد على قيم الرحمة والمودة ونبذ الفرقة بكل أشكالها ودواعيها والبعد كل البعد عن كل ما يعكر صفو المجتمع ويؤدي إلى التناحر والاختلاف.

وأضاف الصانع : لقد اشتمل خطاب صاحب السمو "حفظه الله" على الكثير من الدروس والعبر التي يجب إلقاء الضوء والتركيز عليها وأخذها بعين الاعتبار والحرص على تفعيلها لسلامة المجتمع وأمنه .

ولفت الصانع إلى أن خطاب صاحب السمو لم يكن مجرد كلمة يلقيها ولي الأمر أو قائد المسيرة في افتتاح دور الانعقاد الأخير للفصل التشريعي لمجلس الأمة وحسب، إنما كان خطاباً أبوياً من أبٍ حريص على أبناءه يحمل لهم كل الحب ويخشى عليهم الانزلاق في مستنقع الخلاف الذي يعصف بأمن المجتمع واستقراره.

لقد كان الخطاب في مجمله عبارة عن تشخيص للداء وتوصيف للدواء الناجع.. بل ركز على الوقاية التي هي خير من العلاج.

وتابع : لقد أبرز الخطاب الأبوي الذي ألقاه صاحب السمو على أبنائه على أهمية التعاون والتناصر والبعد عن الكراهية والبغضاء وحذر مما يسير الأحقاد والطائفية البغيضة... كما دعى إلى تكاتف الأيدي ومطالبة الجميع أن يقوم بواجبه تجاه وطنه ومجتمعه والحفاظ على مقدراته ومقدرات الأجيال القادمة.

وأضاف الصانع : لقد حمل صاحب السمو بين طياته الكثير من الأمور التي تهم المجتمع الكويتي وتحصنه ومنها استمرار التعاون بين دول مجلس التعاون الخليجي في شتى القضايا التي تهم مجتمعاتنا الخليجية ذات الروابط والأصول المشتركة، وضرورة التعرف على حجم التحديات التي تواجه المجتمع وإعداد العدة لاجتيازها والتغلب عليها.

وقال الصانع : إن خطاب صاحب السمو انطلق من قيم وقواعد إسلامية وإيمانية ، وارتكز في كل ما طرحه من قضايا على مبادئ وتعاليم الدين الإسلامي الحنيف، وعن عقيدة راسخة وإيمان صادق.

ومن هذا المنطلق كان على وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية أن تتفاعل مع النطق السامي وإعداد خطبة جمعة وتعميمها على مساجد الكويت لتوصيل ما به من دروس مستفادة عبر منابرها إلى كافة أفراد المجتمع الكويتي حتى تعم الفائدة ويتعرف الجميع على رؤية القيادة الحكيمة لصاحب السمو أمير البلاد في مواجهة التحديات.

وختم الصانع بتوجيه خطباء المساجد إلى الالتزام بالخطبة المعُدة والموزعة عليهم بهذا الخصوص ، داعياً الجميع إلى فهم واستيعاب ما جاء بها ووضعه نصب أعينهم لرفعة مجتمعنا وسلامته وأمنه.

القائمة البريدية

انضم للقائمة البريدية للموقع ليصلك كل جديد

جميع الحقوق محفوظه لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية - دولة الكويت